التلبينة من كتاب الطب النبوي من منظور معاصر, ص (77-83), الطبعة الأولى,1438هـ,2017م, للشيخ هاني صلاح آل دراز, الباحث في الطب النبوي.

التلبينة: هي حساء مطحون الشعير بنخالته أي بقشره.

طريقة تحضير التلبينة: يوضع كوب من الشعير المطحون بنخالته في قدر ثم توضع عليه خمس كاسات ماء، ويحرك لمدة عشـر دقائق على نار هادئة، ويستحسن إضافة خمسة معالق عسل.

لقد أثبت الطب الحديث بأن (التلبينة) وهي دقيق الشعير بنخالته المخلوط بالعسل واللبن تعالج أمراض كثيرة؛ وذلك لما تحتويه من مكونات خاصة جدا مثل مادة(Betaglocan) ومركبات البوتاسيوم وفيتامين (هـ) ومضادات الأكسدة وفيتامين (ب) المركب ومادة (Tocotriends) ومادة (Meiatonen) ومركبات الماغنسيوم وغيرها من المركبات الطبيعية الدوائية؛ كما أثبت ذلك أحدث الأبحاث الدوائية في مختلف معامل الغذاء والدواء في العالم.

التلبينة ومريض السكر:

يشعر مريض السكر بالجوع عند منتصف النهار ومنتصف الليل وخبز الشعير والتلبينة خير وسيلة لزيادة الألياف المطلوبة للجسم القابلة والغير قابلة للذوبان فيستفيد الجسم من القيم الغذائية وعدم الشعور بالجوع.

مظاهر الإعجاز العلمي في السنة (الخاص بالتلبينة)

عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ المَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الحُزْنِ»([1]). [متفق عليه, واللفظ للبخاري] ([2]).

ويظهر الإعجاز في هذا النص في قوله مجمة لفوائد المريض أي مريحة لقلب المريض.

وقوله عليه الصلاة والسلام: تذهب ببعض الحزن فقد أثبتت الأبحاث الطبية أن أمراض الأعصاب وخاصة الاكتئاب تنتج عن خلل كيميائي في المخ والتلبينة تحتوي على مركبات البوتاسيوم والماغنسيوم ومضادات الأكسدة التي تخفف الإحساس بالحزن والاكتئاب وهذه بعض من مظاهر الإعجاز النبوي الشـريف التي ذكرها عليه الصلاة والسلام منذ أربعة عشـر قرنًا.

فوائدها:

تزيل الغم والهم والاكتئاب([3]), بحث منشور في مجلة طبية.

تقوي جهاز المناعة: أظهرت الدراسات التجريبية على الحيوانات أن (بيتا جلوكان) – وهو أحد مكونات الشعير – ينشط كريات الدم البيضاء وهي أحد آليات جهاز المناعة الهام لحماية الجسم من أخطار الكائنات الدقيقة الممرضة والتخلص من السموم والخلايا المصابة كما وجد أن (البيتا جلوكان) يسرع شفاء النسيج التالف ويحفز العناصر الأخرى لجهاز المناعة. وينصح الآن بهذه المادة كمكمل غذائي لتحسين جهاز المناعة في جسم الإنسان.

تخفض الكوليسترول وتعالج القلب: أثبتت الدراسات العلمية فاعلية حبوب الشعير الفائقة في تقليل مستويات الكوليسترول في الدم من خلال عدة عمليات حيوية، تتمثل فيما يلي

أ. تتحد الألياف المنحلة الموجودة في الشعير بالكوليسترول الزائد في الأطعمة فتساعد على خفض نسبته في الدم.

ب. ينتج عن تخمر الألياف المنحلة في القولون أحماض دسمة تمتص من القولون، وتتداخل مع استقلاب الكولسترول فتعيق ارتفاع نسيته في الدم.

ج. تحتوي حبوب الشعير على مركبات كيميائية تعمل على خفض معدلات الكولسترول في الدم، ورفع القدرة المناعية للجسم مثل مادة بيتا جلوكان والتي يعتبر وجودها ونسبتها في المادة الغذائية محدداً لمدى أهميتها وقيمتها الغذائية.

د. تحتوي حبوب الشعير على مشابهات فيتامينات هـ التي لها القدرة على تثبيط إنزيمات التخليق الحيوي للكولسترول، ولهذا السبب تشير الدلائل العلمية على أهمية فيتامين هـ الذي طالما عرفت قيمته لصحة القلوب إذا تم تناوله بكميات كبيرة. وعلى هذا النحو يسهم العلاج بالتلبينة بالوقاية من أمراض القلب والدورة الدموية، إذ تحمي الشرايين من التصلب (خاصة شرايين القلب التاجية) فتقي من التعرض لآلام الذبحة الصدرية وأعراض نقص التروية واحتشاء عضلة القلب.

علاج للسـرطان والشيخوخة المبكرة: تمتاز حبة الشعير بوجود مضادات الأكسدة مثل (فيتامين A &E)، وقد توصلت الدراسات الحديثة إلى أن مضادات الأكسدة يمكنها منع وإصلاح أي تلف بالخلايا يكون بادئاً ومحرضاً على نشوء ورم خبيث، إذ تلعب مضادات الأكسدة دوراً في حماية الجسم من الشوارد الحرة (free radicals) التي تدمر الأغشية الخلوية، وتدمر الحمض النووي DNA، وقد تكون المتهم الرئيسي في حدوث أنواع معينة من السـرطان وأمراض القلب، بل وحتى عملية الشيخوخة نفسها ويؤيد حوالي (9) من كل (10) أطباء دور مضادات الأكسدة في مقاومة الأمراض والحفاظ على الأغشية الخلوية وإبطاء عملية الشيخوخة وتأخير حدوث مرض الزهايمر وقد حبا الله الشعير بوفرة الميلاتونين الطبيعي غير الضار، وهو هرمون يفرز من الغدة الصنوبرية الموجودة في المخ خلف العينين، ومع تقدم الإنسان بالعمر يقل إفراز الميلاتونين  وترجع أهمية هرمون الميلاتونين إلى قدرته على الوقاية من أمراض القلب وخفض نسبة الكولسترول في الدم، كما يعمل على خفض ضغط الدم، وله علاقة أيضاً بالشلل الرعاش عند كبار السن والوقاية منه، ويزيد الميلاتونين من مناعة الجسم، كما يعمل على تأخير ظهور أعراض الشيخوخة، كما أنه أيضاً له دور مهم في تنظيم النوم والاستيقاظ.

ملين ومهدئ للقولون: و الجدير بالذكر أن الشعير غني بالألياف غير المنحلة وهي التي لا تنحل مع الماء داخل القناة الهضمية، ولكنها تمتص منه كميات كبيرة وتحبسه داخلها، فتزيد من كتلة الفضلات مع الحفاظ على ليونتها، مما يسهل ويسـرع حركة هذه الكتلة عبر القولون، وهكذا تعمل الألياف غير المنحلة الموجودة في الحبوب الكاملة (غير المقشورة) وفي نخالة الشعير على التنشيط المباشر للحركة الدودية للأمعاء، وهو ما يدعم عملية التخلص من الفضلات. كما تعمل الألياف المنحلة باتجاه نفس الهدف، إذ تتخمر هلاميات الألياف المنحلة بدرجات متفاوتة بواسطة بكتريا القولون، مما يزيد من كتلة الفضلات، وينشط الأمعاء الغليظة، وبالتالي يسـرع ويسهل عملية التخلص من الفضلات.  وأظهرت نتائج البحوث أهمية الشعير في تقليل الإصابة بسرطان القولون، حيث استقر الرأي على أنه كلما قل بقاء المواد المسرطنة الموجودة ضمن الفضلات في الأمعاء قلت احتمالات الإصابة بالأورام السـرطانية، ويدعم هذا التأثير على عمليات تخمير بكتريا القولون للألياف المنحلة ووجود مضادات الأكسدة بوفرة في حبوب الشعير.

علاج ارتفاع السكر والضغط: تحتوي الألياف المنحلة في الشعير على صموغ  «بكتينات»  تذوب مع الماء لتكون هلامات لزجة تبطئ من عمليتي الهضم وامتصاص المواد الغذائية في الأطعمة، فتنظم انسياب هذه المواد في الدم وعلى رأسها السكريات، مما ينظم انسياب السكر في الدم ويمنع ارتفاعه المفاجئ عن طريق الغذاء. ويعضد هذا التأثير الحميد للشعير على سكر الدم أن عموم الأطعمة الغنية بالألياف – منحلة وغير منحلة –فقيرة الدسم وقليلة السعرات الحرارية في معظمها، بينما لها تأثير مالئ يقلل من اندفاعنا لتناول الأطعمة الدسمة والنهم للنشويات الغنية بالسعرات الحرارية. ولأن المصابين بداء السكري أكثر عرضة لتفاقم مرض القلب الإكليلي، فإن التلبينة الغنية بالألياف تقدم لهم وقاية مزدوجة لمنع تفاقم داء السكري من ناحية والحول دون مضاعفاته الوعائية والقلبية من ناحية أخرى. وهكذا يمكننا القول بثقة أن احتساء التلبينة بانتظام يساعد المرضى الذين يعانون من ارتفاع سكر في دمهم. كما أكدت الأبحاث أن تناول الأطعمة التي تحتوي على البوتاسيوم تقي من الإصابة من ارتفاع ضغط الدم، ويحتوي الشعير على عنصر البوتاسيوم الذي يخلق توازناً بين الملح والماء داخل الخلية. كذلك فإن الشعير له خاصية إدرار البول، ومن المعروف أن الأدوية التي تعمل على إدرار البول من أشهر الأدوية المستعملة لعلاج مرضى ارتفاع ضغط الدم. دراسات كيميائية حيوية وتكنولوجية على حبوب الشعير 1997 م.

مصادر كل الفوائد:

– رسالة ماجستير م. سحر مصطفى كامل، كلية الزراعة، جامعة القاهرة.

– كتاب العلاج بالتلبينة إعداد عبد الكريم التاجوري.

– كتاب الطب البديل بلا أدوية للدكتور محمد المخزنجي.

– كتاب الغذاء ودوره في تنمية الذكاء للدكتور نبيل سليم علي.

– كتاب الطب البديل للدكتور (هاريس مايلوين).

([1]) أخرجه البخاري في (70) ك: الأطعمة, (24) ب: التلبينة, رقم (5417), ومسلم في (39) ك: السلام, (30) ب: التلبينة مجمة لفؤاد المريض, رقم (2216).

([2]) تعليق مصطفى البغا على صحيح البخاري: (خاصتها) من تخصه ببرها وودها من غيرهن. (ببرمة) قدر من حجارة أو نحوها. (تلبينة) طعام رقيق يصنع من لبن ودقيق أو نخالة وربما جعل فيه عسل سميت بذلك تشبيها باللبن لبياضها ورقتها. (ثريد) خبز يفتت ثم يبل بمرق. (مجمة) استراحة. (لفؤاد) القلب.

(1) Clinical Interventions in Aging

Effect of Talbinah food consumption on depressive

symptoms among elderly individuals in long term

care facilities, randomized clinical trial

Manal M Badrasawi, Suzana Shahar, Zahara Abd Manaf, Hasnah Haron.1-7, 6 March 2013.